كان ولا يزال التحرك ضد مليشيات الحوثي الانقلابية مطلبا شعبيا يقف وراءه ويسنده كل أبناء الشعب اليمني وفي كل مناطق الوطن.. شريطة أن يكون ذلك التحرك مراعيا لكل المبادئ الوطنية، وفي مقدمتها الحفاظ على وحدة الإنسان والأرض، باعتبار الوحدة كانت غاية تاريخية كبرى، ثم صارت الإنجاز أو المكسب التاريخي الأكبر، أما إذا لم يراعِ أي تحرك أي مكسب في تاريخ اليمن، فإننا سنبدو كمن يعالج الداء بداء لا يقل خطورة وفتكاً عن سابقه..!!
أقول هذا وعيناي وجميع حواسي تتابع بقلق التحركات العسكرية والقبلية، التي تجري حاليا حول ما كانت تسمى بالحدود الشطرية، حدود ما قبل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، وهي تحركات لا بد أن تبعث القلق والريبة، أولا من امتدادها الجغرافي على طول الحد الشطري بين الشمال والجنوب، وخصوصا في التماس بين البيضاء ويافع.. ثم من اللهجة الخطابية الماحقة من قيادات تلك التحركات، التي تصرح في العلن أن هدفها هو مواجهة الحوثيين (كزيود شماليين فقط) ودحرهم من (أرض الجنوب)..!! ثم في تحامل ذلك الخطاب، الذي ترفرف من ورائه الأعلام الشطرية، على أبناء الشمال عامة وليس على الحوثيين وحسب..!!
إلى ذلك انحصار كتائب وتشكيلات تلك القوات التي تتوافد إلى الحدود الشطرية في تكوينها وقوامها على قوة كلها من أبناء المحافظات الجنوبية، مسنودة بقوات قبلية كلها محسوبة على المناطق الجنوبية.. ومعززة بآليات وأسلحة حديثة تدل على أنها مدعومة من جهة خارجية، لتأجيج مثل هذا التحرك الانفصالي الواضح، في توقيت حساس جداً، لاحظنا معه عزما كبيراً من قبل الشرعية للتحرك ضد الجماعة الانقلابية في صنعاء.. إلى جانب محاولات خفية مشابهة لعزل قوات الساحل، التي تبدي عزيمة كبيرة للمواجهة، عزلها عن التوجه العام للشرعية وعن المشروع الأساسي والمتمثل في التخلص من الانقلاب واستعادة الشرعية الدستورية والنظام الجمهوري..!!
إننا فيما يبدو نقف اليوم أمام عدو خفي أشد دهاء ومكرا وخصومة حتى من الحوثي نفسه.. إنه عدو يلعب بأوراق الأزمة اليمنية بفوقية ويتحكم في مجريات الأحداث والتطورات.. ويبدو أن التخلص من الانقلاب ليس أحد أهداف ذلك المشروع، بل لا يستبعد أن مشروعه قائم بالأساس على هذا الانقلاب، الذي لا يريد له أن ينتهي، وبالتالي نجده اليوم يقوم بفتح ملفات انقسامية وشطرية حساسة، بهدف بعثرة الأوراق والحد من ائتلاف القوى، وإيقاف أي تحرك وطني فعال ضد المليشيا الإرهابية المنقلبة.. إنه عدو من شدة خبثه انه يحرص على بقاء واستمرار الانقلاب ويحاول تثبيط وإعثار أية عزيمة معادية تجاهه، ولو كان كل ذلك على حساب اليمن ووحدته واليمنيين ونجاتهم مما وقعوا فيه من شتات وضياع لا يحسدون عليه..!!