آراء

المؤتمر في ذكراه الثالثة والأربعين ..خوف الطائفة من ذاكرة الأمة

عيسى العزب

|
قبل 8 ساعة و 12 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

ها هي المليشيا الحوثية تمضي في ارتباكها، فتغلق أبواب الذكرى الثالثة والأربعين للمؤتمر الشعبي العام، وتطلق يد الاعتقال لمطاردة رموزه وقياداته، غير مدركة أن محاولاتها البائسة ليست سوى اعتراف صريح بأن جذوة المؤتمر ما تزال حية، وأن ذاكرة الوطن عصية على الطمس، عصية على الترويض. أرادت الجماعة أن تُطفئ نوراً فاشتعلت فضيحتها، وأرادت أن تخنق صوتاً فإذا بالصدور تتسع له أكثر، وما تدري أن جذور المؤتمر تمتد في الأرض كما تمتد في قلوب الناس.

 

قبل ذلك ثمة خطاب للسفير أحمد علي عبدالله صالح والذي تلا فيه على مسامع اليمنيين أنشودة الهوية الجامعة، وأعادهم إلى لحظة التأسيس الأولى، يوم وُلد المؤتمر مشروع دولة، لا مشروع طائفة. لم تكن الكلمات زخرفاً بل نداءً يوقظ الذاكرة ويستحضر الوطن في أسمى معانيه، كلمات أربكت حسابات الجماعة لأنها نفضت الغبار عن صورة اليمن الكبير، وأعادت رسم ملامح الوحدة التي حاولوا تمزيقها.

ولم يكد صدى الخطاب يخبو حتى جاء الفيلم الوثائقي على شاشة العربية، شاهداً يفضح الغدر والخيانة، كاشفاً الوجوه المستترة وراء أقنعة الزيف. فإذا بالحوثيين يطلّون على أنفسهم في مرآة لا ترحم، وإذا بمشروعهم يقوم على الرمل، يتهاوى أمام خطاب وطني راسخ لا تحجبه الشاشات ولا تطفئه الأبواق. لقد كان الفيلم صفعة أخرى، لا مجرد عرض، لأنه أعاد إلى الأذهان حجم المؤامرة التي نسجت بخيوط الغدر، وفي المقابل ذكّر الناس بعظمة الفكرة الوطنية التي حملها المؤتمر.

وقبل هذا وذاك  ثمة مشهد لم يترك للجماعة فسحة ادعاء، يوم تجمهر اليمنيون حول السفير أحمد علي عبدالله صالح في عرس شقيقه. لم يكن عرساً عابراً بل كان لوحة وطنية مهيبة رسمتها الوفود القادمة من كل الجهات، مشهد اختصر حقيقة راسخة أن المؤتمر الشعبي العام ليس صفحة تُطوى، بل كتابٌ مفتوح يقرؤه الشعب جيلاً بعد جيل، وأن كل محاولة لمحو حضوره تزيد الناس التفافاً حوله وإصراراً على إبقائه حياً في وجدانهم.

ومع اقتراب السادس والعشرين من سبتمبر، ميلاد الوطن ومهرجان الحرية، ترتجف أوصال الجماعة كما يرتجف ليلٌ أمام بشائر الفجر. هو اليوم الذي تتفجر فيه دماء الثورة في العروق، وتستعيد الذاكرة الجمعية صلابتها، فيدرك الحوثي أن سبتمبر وحده كفيل بأن يهدم عروشه الواهية ويطيح بزيفه المتراكم. ولذلك تتوالى إجراءاته المرتبكة وتزداد هواجسه التي تعمي بصره وبصيرته.

سلطة تعرف أنها غريبة عن الناس، ترتجف من ذكرى حزب، وتفزع من خطاب، وتنهار أمام فيلم، وتخشى من إطلالة قائد قادم وابن زعيم راحل. هي سلطة زائفة عابرة كغبارٍ في مهب الريح، لا بقاء لها في وجدان اليمنيين، أما المؤتمر الشعبي العام، فسيبقى في الذاكرة راسخاً رسوخ الجبال، عصياً على المحو والطمس، شاهداً أن الوطن لا ينكسر، وأن الهوية الوطنية مهما حاولوا مصادرتها ستعود لتفرض وجودها كما يعود الفجر ليبدد ليل الظلام.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية