محلي

نضوج الفرص وإمكانية استغلالها

وسام عبدالقوي

|
قبل 4 ساعة و 3 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

أي جماعة أو مليشيا أو حتى مكون سياسي وصل إلى السلطة عن طريق القوة والانقلاب، وبوسائل غير شرعية أو قانونية، لا بد له وإن امتلك القوة الباطشة وتمكن من التوغل القسري في ثنايا المجتمع، أن يعيش باستمرار حالة من التوجس القهري، والقلق المصيري الذي يقض مضجعه ويسلب راحته، إيمانا منه باستحالة أن يكون المجتمع الذي توغل فيه راضياً عنه وعن انقلابه، وإن بنسبة قليلة من قوام ذلك المجتمع، خصوصا حين يعتمد ذلك المكون على قوته وبطشه، فما بالنا لو زاد على ذلك عدم مراعاة المواطنين الذين تحت سلطته وتقدير أحوالهم وأوضاعهم الاقتصادية المتردية بسبب انقلابه، ولم يكتف بذلك ليذهب متعنتاً إلى إثقال كواهلهم بالجبايات والمكوس والتعرفات العينية والمادية، التي تضاعف من أعباء الناس ومعاناتهم.

وهذا هو ما تفعله بالضبط مليشيا الحوثيين الإرهابية الانقلابية اليوم في صنعاء وما جاورها من محافظات ومناطق سيطرت عليها خلال انقلابها..؟! فهذه العصابة الإرهابية تعيش منذ بداية انقلابها حالة توجس وتخوف من كل تفصيل وأبسط حركة أو تصرف يجري من حولها وحتى في داخلها، مدركة ومتأكدة من عدم استمرار الحال كما هو تحت سيطرتها وتمكنها، ومن أن هناك لحظة مواجهة صعبة المراس ستعيشها مع الشعب، الذي لم تضعه في أي من حساباتها إلا كونه مجرد مورد لجباياتها وتمويل انقلابها، أو ورقة ابتزاز رابحة تواجه بها خصومها والمجتمع الدولي، الذي لم يتراجع منذ أكثر من عشر سنوات عن موقفه منها، واعتبارها جماعة انقلابية لا تمتلك أية شرعية، ومن ينظر إليها ويصنفها بكونها جماعة إرهابية، لا تختلف في شيء عن تنظيمات القاعدة وداعش وفي أفضل الأحوال تشبيهها بجماعة طالبان الأفغانية..!!

وعلى الرغم من فترة الهدنة غير المسماة التي منحها إياها التحالف، ومن أمامه الشرعية اليمنية وورائه المجتمع الدولي، إلا أن تنامي وتضاعف ذلك التوجس الذي تعيشه ويجب منطقيا أن تعيشه الجماعة الانقلابية، لا يتوقف عند حد زمني أو إجرائي معين.. فقد أنشأ الانقلابيون جهازا استخباراتيا شديد الفعالية والحساسية تجاه المواطنين الذين تحت سيطرتهم تحديداً، وفتحوا العشرات بل المئات من السجون والمعتقلات الظاهرة والسرية، وزجت فيها بعشرات الآلاف من المواطنين، منهم من مضت سنوات دون أن يعرف أحد التهمة الموجهة إليهم، ومنهم من لا يعرف له مكان حتى اللحظة..!!

ولعله من الطبيعي للغاية أن يؤدي تطور مثل هذه التصرفات إلى اتساع الهوة بين المليشيا وبين المواطنين، باطراد متواصل حد الوصول إلى لحظة الانفجار.. وبدلا من أن تعالج المليشيا الأسباب وتحاول تجنب الوصول إلى تلك اللحظة، تعمل على الاستعداد لها، والتأهب لمواجهتها، وذلك بتعزيز قوتها وبطشها وتصعيد لهجة الوعيد والتهديد، مع علمها بأنها إنما تفاقم الوضع، وتستعجل اللحظة المنتظرة، غير مراهنة على شيء غير القوة والقدرة على قمع أي تحرك أو شبهة بالتحرك ضدها.. وذلك من منطلق معرفتها عدم قابلية المجتمع الذي تظل تطمع في الاستمرار  في إحكام السيطرة عليه وابتزازه وابتزاز العالم به..!!

ولا تفوت الجماعة أن تستغل أي احتمال تحرك سياسي مضاد لها أو حتى شائعة عن تحرك أو نية تحرك، لترفع من مستوى تشديداتها الأمنية، دون مراعاة أية نتيجة سلبية لذلك التصعيد.. وبالتالي نجدها تسارع بشكل ملحوظ في تسلق سلم سقوطها الزمني والفعلي.. حتى أنها قد وصلت حدا لا تحسد عليه من الخسارات ومستوى لا يطمئنها إطلاقاً من صياغة واصطناع العداوات، في صفوف من كانوا في صورة تحالف أو كانت تعتقد أنهم حلفاء لها في تشكيلات المجتمع السياسية والاجتماعية والعسكرية والقبلية.. فلم تترك أحداً من حولها دون أن تختلق عداء معه نتيجة تلك التوجسات المريبة..!!

وفي حين يشكل ذلك الوضع حالة تهديد للجماعة الانقلابية، فإنه يوفر ويضاعف من يوم لآخر فرصاً سانحة لخصوم الانقلاب وتحديدا للشرعية، التي من المفترض أن تنتهز هذه الفرص، وتستغل الوضع الذي وصل حد النضوج، لتنقض على هذا الغول الانقلابي المتوحش، الذي ضاقت به النفوس والقلوب، قبل أن تضيق به المساحات والأوقات.. فهل تفعل الشرعية ما كان منتظرا منها طوال عشر سنوات ضاعت من عمر اليمن واليمنيين..؟ سؤال في اعتقادي لا جواب له إن لم تكن الشرعية هي المعنية به..!!

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية