محلي

تأجيج عدم الاستقرار.. النفط والاحتجاجات ومقيدات الحكومة اليمنية

المركز العربي واشنطن دي سي - نيكولاس برومفيلد:

|
قبل 2 ساعة و 17 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

في أواخر يوليو 2025، اندلعت احتجاجات واسعة النطاق ضد انقطاع الكهرباء والتدهور الاقتصادي وسوء الإدارة العامة من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في المكلا، وهي خامس أكبر مدينة في اليمن وعاصمة لمحافظة حضرموت الشرقية.

ورغم أن الاهتمام الخارجي باليمن يركز عادة على سلوك حركة الحوثيين، وليس على دينامييات داخلية أخرى، فإن مثل هذه المظاهرات مألوفة.

وكما يحدث في كثير من الأحيان في المناطق التي تسيطر عليها حكومة اليمن، تعطلت عمليات تسليم الوقود من المناطق الداخلية الغنية بالنفط في اليمن إلى محطات الطاقة في المكلا (في هذه الحالة لأن الموردين أحجموا عن عمليات تسليم الديزل بسبب الديون غير المسددة من الحكومة المحلية)، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة.

وقام المتظاهرون الغاضبون بإغلاق حركة المرور، بما فيها حركة شاحنات الوقود، على الطرق الحيوية حول المكلا حتى عالجت الحكومة المعترف بها دوليا مطالبهم بتحسين الحكم.

وفي حين هدأت الاحتجاجات بحلول منتصف أغسطس دون تحقيق أي مكاسب في ظل القمع وتحسن الظروف الاقتصادية، فإن هذه القلاقل هي أحدث مثال على كيفية قيام مختلف الممثلين الفاعلين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليا بتعطيل تدفقات النفط من أجل ممارسة النفوذ على السلطات، وعلى الضعف الهيكلي للحكومة المعترف بها دوليا في حربها الأهلية المستمرة ضد حركة الحوثيين في اليمن.

إن الحكومة المعترف بها دوليا، التي تعاني من الانقسامات السياسية والعسكرية، غير قادرة على ضمان التدفق السلس للنفط داخل الأراضي الخاضعة لسيطرتها.

كما أن الحكومة المعترف بها دوليا غير قادرة على تصدير النفط خارج اليمن بسبب الحصار الحوثي لمحطاتها النفطية والذي ظل ساريا منذ عام 2022، وهو الوضع الذي حرم الحكومة المعترف بها دوليا من الأموال. ونتيجة لذلك، تضطر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا إلى تكريس جهود كبيرة لإدارة الأزمات الناجمة عن انقطاع إمدادات الكهرباء، بدلاً من مواجهة سلطة الحوثيين بشكل هادف.

لقد أعاقت هذه الدينامية قدرة الحكومة المعترف بها دوليًا على التصدي للحوثيين وعلى خلق الظروف اللازمة لإنهاء مستدام للصراع في اليمن.

كما أن الهجمات الجوية الدولية مثل الهجوم الإسرائيلي في 28 أغسطس 2025 الذي أسفر عن مقتل رئيس الحكومة المتحالف مع الحوثيين في العاصمة صنعاء لم تفعل الكثير لإعاقة الحركة المعروفة أيضًا باسم أنصار الله.

وهناك حاجة لأن تكون الحكومة المعترف بها دوليًا فاعلة في الضغط على الحوثيين، ولكي تكون فاعلة فهي بحاجة لتدفق النفط.

الحكومة المعترف بها دوليًا والنفط في اليمن

تتواجد كافة موارد النفط في اليمن داخل ثلاث محافظات خاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، وتقع على طول الحدود بين الدولتين المنفصلتين سابقًا، شمال وجنوب اليمن.

وفي الشرق تقع حضرموت، محافظة جنوبية تنتج الغالبية العظمى من نفط اليمن؛ وإلى الغرب تقع مأرب، محافظة شمالية تحتوي على كمية أقل من النفط إلا أنها تنتج كل الغاز الطبيعي في اليمن؛ وفي الوسط تتواجد شبوة، وهي محافظة جنوبية تنتج كميات أقل من النفط لكنها تضم العديد من خطوط الأنابيب والمحطات والموانئ التي تتولى تصدير النفط والغاز اليمني.

ومنذ اكتشافه في ثمانينيات القرن الماضي، شكل النفط الغالبية العظمى من صادرات اليمن، ويمثل النفط حوالى 70-80 بالمئة من إيرادات الحكومة.

ومع ذلك، فقد تم توزيع ثروات النفط في البلاد بشكل غير متساوٍ، حيث كانت المحافظات الثلاث الغنية بالنفط تاريخياً تحصل على فوائد مباشرة قليلة، بينما كانت النخب التي لديها علاقات تستحوذ على جزء كبير من الإيرادات.

ونتيجة لذلك، لم يشهد اليمنيون العاديون سوى تحسن قليل في حياتهم اليومية بالرغم من توفر الموارد في البلاد.

وفي سياق عدم المساواة هذا، أصبح اليمنيون يدركون قيمة استهداف البنية التحتية للموارد النفطية للحصول على مساومات، حيث قام السكان المحليون في مأرب وشبوة وحضرموت مرارا بتفجير خطوط الأنابيب وفرض حصار على حقول النفط للضغط على الحكومة لعقود من الزمن.

تفاقمت هذه النزعة بسبب الحرب الأهلية بين الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي، التي بدأت في عام 2014 عندما سيطر الحوثيون بالقوة على صنعاء.

وبما هي رسميًا خليفة الحكومة اليمنية قبيل عام 2014، فإن الحكومة المعترف بها دوليا عبارة عن تحالف متنازع عليه من الفصائل المناهضة للحوثي يقوده منذ عام 2022 مجلس القيادة الرئاسي الذي يبلغ عدد أعضائه ثمانية، والمدعوم من السعودية والإمارات، والذي يرأسه حليف السعودية رشاد العليمي.

ويشمل المجلس الرئاسي تمثيل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة وقوات المقاومة الوطنية، بالإضافة إلى حزب الإصلاح الإسلامي المدعوم من السعودية.

وتم إجبار الحكومة المعترف بها دوليا على التخلي عن السيطرة على جزء كبير من البنية التحتية الحكومية لليمن عندما فرّارها من صنعاء التي وقعت تحت سيطرة الحوثي إلى مدينة عدن الجنوبية في عام 2015، حيث تتواجد الآن.

وتجري السيطرة على القوات الحكومية المعترف بها على الأرض في اليمن بشكل غير محكم من خلال فصائلها المختلفة ومجموعاتها المسلحة المرتبطة بها، التي غالبًا ما تقضي وقتًا في محاربة بعضها البعض بقدر ما تحارب الحوثيين.

تنقسم اليمن بين سيطرة الحوثيين والفصائل الموالية للحكومة المعترف بها، بما في ذلك الحكومة نفسها، والمجموعات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، والمجموعات المسلحة غير الحكومية التابعة، بما فيها المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات المقاومة الوطنية، وقوات النخبة الحضرمية.

لقد أجبرت هذه الحالة من غياب السلطة المركزية قوات الحكومة المعترف بها دوليا على تقديم تنازلات بشأن إدارة موارد النفط في اليمن. وفي حين من المفترض أن تكون جميع المحافظات الثلاث المنتجة للنفط موالية لقوات الحكومة المعترف بها دوليا، تمكنت السلطات المحلية في مأرب وشبوة وحضرموت من استغلال ضعف الحكومة المعترف بها دوليا في أواخر العقد 2010 للتفاوض على اتفاقيات لتقاسم الإيرادات التي منحتهم حصة من عائدات النفط، مقابل سماحهم بتصديره من مناطقهم.

وبشكل غير رسمي، أدت ظاهرة انتشار الجماعات المسلحة غير الحكومية التي يُزعم أنها متحالفة مع الحكومة المعترف بها دوليا- إلا أنها لا تسيطر عليها- إلى قيام هذه الجماعات بتأسيس نقاط تفتيش في جميع أنحاء المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، وإلى فرض رسوم غير قانونية على الوقود الذي يعبر عبر مناطقهم بغرض جمع الأموال لتمويل عملياتها.

تظهر البنية التحتية للنفط والغاز الطبيعي في اليمن، تركز احتياطيات النفط في مأرب وشبوة والمكلا. وتربط خطوط أنابيب النفط والغاز هذه الاحتياطيات بالسواحل الجنوبية والغربية لليمن.

ومنذ بداية النزاع في اليمن، كانت الخطوط الوحيدة التي تعمل هي خط أنابيب النفط الذي يربط شمال شبوة مع "بئر علي"، ووسط حضرموت مع "الشحر"، على الساحل الجنوبي لليمن، وذلك وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

لقد تسبب وجود جماعات مسلحة، متعددة ومرتبطة بـ بالحكومة المعترف بها دوليا ومتنافسة مع بعضها البعض، بالصراع على السيطرة على موارد النفط في اليمن.

ويعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي وهو جماعة انفصالية تسعى لاستقلال جنوب اليمن الذي كان مستقلاً سابقًا، حيث يرى أن الموارد النفطية في شبوة وحضرموت ملكًا للجنوبيين، وقد حاول بشكل دوري فرض سيطرته المباشرة عليها.

ومنذ أن استولى على حقول النفط في شبوة إثر الصدامات مع وحدات الجيش اليمني المدعومة من الإصلاح في عام 2022، كان الهدف الرئيسي للمجلس الانتقالي الجنوبي هو السيطرة على حضرموت المحورية الغنية بالنفط.

إذ لا تزال هذه المنطقة تحت سيطرة جماعات مدعومة من السعودية، بما فيها الإصلاح، الذي يدعم وحدة اليمن، و"حلف قبائل حضرموت" الذي ينادي بإقليم حضرموت.

ورغم أن الاشتباكات المسلحة قد حضرت في أضيق نطاق، فإن هذه النزاعات قد تسببت في انقطاعات متكررة لتدفقات النفط من حضرموت، حيث حاولت كل من الجماعات المدعومة من المجلس الانتقالي الجنوبي وحلف قبائل حضرموت فرض حصار على حقول النفط للضغط على الحكومة الشرعية لاتباع المسار الذي تفضله.

الحوثيون وتدفق النفط
غير أن فصائل الحكومة المعترف بها دوليا في اليمن ليست الوحيدة التي تدرك قوة منع تدفق الطاقة. فالمنافس الرئيسي للحكومة، حركة الحوثي، هي من استخدمت هذا التكتيك بشكل فعال للغاية. 
والحوثيون هم جماعة زيدية شيعية إحيائية ظهرت في التسعينيات، على مدى عقدين من الصراع. ونما الحوثيون من تمرد هامشي في جبال شمال غرب اليمن إلى حكام الأمر الواقع للأراضي التي يعيش فيها 70 في المئة من السكان اليمنيين.

وتدعي حركة الحوثي أن هدفها الرئيسي هو الدفاع عن اليمن ومنطقة الشرق الأوسط الأوسع ضد المعتدين الأجانب مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أن خصومها يتهمونها بمحاولة إقامة حكم ثيوقراطي شمولي.

وبصفتها عضو في محور المقاومة الذي تقوده إيران، نفذ الحوثيون منذ أكتوبر 2023 هجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ ضد إسرائيل والشحن الدولي كجزء من "حصار" عن بعد للضغط على إسرائيل لوقف اعتدائها على غزة.

ومع ذلك، فقد استهدف الحصار الرئيسي للحوثيين الحكومة المعترف بها دولياً، وليس إسرائيل. فبعد أن تم افشال هجومهم العسكري للاستيلاء على مأرب الغنية بالنفط من أيدي الحكومة المعترف بها دولياً، ومحاولتهم الحصول على نفوذ في المفاوضات اللاحقة، بدأ الحوثيون في أواخر عام 2022 بإطلاق هجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ على الناقلات الدولية التي تحاول تحميل النفط لتصديره من الموانئ الواقعة على الساحل الجنوبي الذي تسيطر عليه الحكومة المعترف بها دولياً.

وعلى الرغم من أن الضربات الحوثية لم تُصِب أي ناقلة بشكل مباشر، فإن خطر الهجمات المستمرة وحده كان كافياً لتعليق صادرات النفط الدولية للحكومة المعترف بها دولياً بشكل كامل على مدار السنوات الثلاث الماضية. فلقد دمر هذا الوضع الحكومة المعترف بها دولياً مالياً، حيث فقدت الكثير من إيراداتها وأصبحت تعتمد بشكل حيوي على المساعدات من السعودية التي أصبحت أكثر شحة.

وفي حين يدور حديث مستمر في الأمم المتحدة حول إمكانية عقد اتفاق سلام من شأنه أن يؤدي إلى استئناف صادرات النفط مقابل حصول المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون على جزء من الإيرادات، فإن هذه المباحثات قد توقفت بسبب الخلافات حول تقسيم الإيرادات (بما في ذلك معارضة المجلس الانتقالي الجنوبي لاستخدام النفط الجنوبي اليمني لدفع مستحقات الحوثيين) والمعارضة الدولية لـ"مكافأة" الحوثيين على هجماتهم ضد إسرائيل وعمليات الشحن في البحر الأحمر

الحاجة إلى حكومة رشيدة
منذ بداية الحصار النفطي الذي يفرضه الحوثيون منذ عام 2022، شهدت المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية نوعًا من الانهيار المالي، حيث عجزت الحكومة الشرعية عن دفع الرواتب بشكل منتظم أو الحصول على العملات الأجنبية عن طريق الصادرات لدعم قيمة العملة اليمنية الريال.

وفي ظل هذه الظروف القاسية، فإن انقطاعات الكهرباء مثل تلك التي شهدتها حضرموت تتكرر مرارا، وقد ساهمت كحافز للاحتجاجات التي تعود بشكل أساسي للاستياء المتزايد ضد الحكومة المعترف بها دوليًا.

وبسبب حصار الحوثيين للصادرات، تنتج المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا فائضًا من النفط، لكن توصيل الوقود إلى مدن مثل عدن والمكلا لا يزال مهددًا باستمرار من خلال سلسلة لا تنتهي من حركات الاحتجاجات، والقبائل، والنقابات، والميليشيات التي تسعى إلى تعطيل تدفق النفط للحصول على حقوقها في خضم هذه الفوضى.

إن عدم قدرة الحكومة المعترف بها دوليًا على تأمين تدفقات النفط أمر حاسم لفهم ضعفها المستمر في الصراع اليمني. ومع افتقارها إلى الوحدة السياسية لحل الاضطرابات الداخلية والقدرات العسكرية للدفاع عن نفسها ضد حصار الحوثي، اضطرت الحكومة المعترف بها دوليًا على نحو ما إلى تخصيص الكثير من جهدها لإدارة الأزمات التي أوجدتها هذه الاضطرابات بدلاً من مواجهة سلطة الحوثيين.

تجلى ضعف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بوضوح في ردة فعلها على الحملة الجوية الأمريكية المعروفة بعملية "راف رايدار" ضد الحوثيين والتي جرت خلال الفترة من مارس إلى مايو 2025.

فعلى الرغم من سنوات من الضغط من أجل التدخل الأمريكي ضد الحوثيين، إلا أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ظلت في الأساس متفرجاً خلال تلك العملية في عام 2025، حيث اعتبر المحللون أن قدرتها على تنسيق حملة برية للاستفادة من الوضع غير فعالة. إن استمرار ضعف الحكومة المعترف بها دوليا يمثل مشكلة لمواجهة قوة الحوثيين أو لتحقيق نهاية مستدامة للصراع في اليمن. لقد أظهرت عشر سنوات من الغارات الجوية السعودية والأمريكية والإسرائيلية ضد الحوثيين أنها لا تعيقهم بشكل كبير أو حتى تؤثر عليهم، بينما تتسبب في أضرار كبيرة للمدنيين.

وعلى النقيض من ذلك، فإن المناسبتين اللتين تفاوض فيهما الحوثيون على وقف إطلاق نار طويل- وهما اتفاق ستوكهولم في 2018 والهدنة في 2022، والتي أوقفت معظم القتال بين الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على مدى السنوات الثلاث الماضية- جاءت بعد هزائمهم في 2018 و2022 في الحديدة ومأرب على التوالي، وذلك على يد حكومة يمنية موحدة لفترة قصيرة. في ضوء هذه الحقيقة، فإن وجود حكومة يمنية أقوى وأكثر اتحادًا هو ما تحتاجه لاحتواء جماعة الحوثي.

تتطلب المصلحة المالية للحكومة اليمنية تدفقات غير مقيدة للنفط. كما تعتمد شرعيتها الشعبية على استخدام إيرادات النفط بشكل عادل. ويمثل استمرار ضعف الحكومة اليمنية مشكلة في مواجهة قوة الحوثيين أو في إنهاء الصراع في اليمن.

وكخطوة أولى، يجب على الولايات المتحدة وأوروبا والتحالف بقيادة السعودية الذي يدعم الحكومة الشرعية اليمنية أن يساعدوا فصائل الحكومة المعترف بها دوليا على التوصل إلى تسوية سياسية دائمة تسمح بتوحيد الجماعات المسلحة غير الحكومية المتحالفة مع الحكومة تحت قيادة واحدة، مما يتيح من عدم فرض رسوم غير القانونية وتقليل فرص النزاع المسلح داخل الحكومة الشرعية حول الموارد النفطية لليمن مقابل السماح بتدفق الوقود.

إن التوصل إلى مثل هذه التسوية لن يكون سهلاً، حيث فشلت المحاولات السابقة لتوحيد الجماعات المدعومة من الإمارات والتي تتوافق مع المجلس الانتقالي الجنوبي بشكل ملحوظ، غير أنها قد تكون ممكنة مع إعادة هيكلة مجلس القيادة الرئاسي بشكل أكبر. كما يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الضغط من أجل إنهاء الحصار الحوثي على صادرات النفط الحكومية، سواء من خلال مساعدة الحكومة على تطوير خطة لمواجهة هجمات الحوثيين، أو من خلال التوصل إلى تسوية مع الحوثيين لا تضر بالحكومة بشكل مفرط، أو من خلال السعي لتحقيق كلا النهجين بشكل متزامن.

وبمجرد إزالة العقبات أمام تدفق النفط، يجب على قادة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وداعميهم الدوليين التركيز على ضمان توزيع العائدات بشكل فعال وعادل وقابل للمساءلة.

إن استعداد المجتمعات المحلية لتعطيل تدفق النفط يعكس قلقهم من أنهم لن يستفيدوا من هذه الموارد، فضلاً عن غضبهم من فساد الحكومة اليمنية وضعف كفاءتها. وعليه، ينبغي للحكومات التي تدعم التحالف المناهض للحوثيين زيادة الاستثمار في بناء المؤسسات وبرامج مكافحة الفساد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. وعلى المدى الطويل، يجب على الحكومات المتحالفة والجهات المانحة الأخرى تسهيل حوار مجد بين اليمنيين حول التوزيع العادل لثروة البلاد ومواردها.

بعد أكثر من عقد من الزمن من السعي وراء إيجاد حلول عسكرية قصيرة الأجل في اليمن، ينبغي على المجتمع الدولي الآن تطوير استراتيجية طويلة الأجل تعتمد على فهم أفضل للسياسة والاقتصاد في اليمن. وبدلا من الانغماس في أسئلة حول ما إذا كانت الغارات الجوية الإسرائيلية يمكن أن تقتل عددًا كافيًا من قادة الحوثيين للتأثير على سلوك الجماعة - إذ أن هذه الهجمات تقدم ضربات رمزية في الغالب - ينبغي على المجتمع الدولي التركيز على المساعدة في حل بعض المشاكل التي منعت القوات الحكومية من أن تصبح قوة فعالة في مواجهة الحوثيين.

وفي حين يمكن أن يتم تحقيق الهدف القصير المتمثل في وقف هجمات الحوثيين على إسرائيل والشحن الدولي، بشكل أفضل من خلال وقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة من خلال وقف إطلاق النار- وهو الأمر الذي أدى لإيقاف هجمات الحوثيين تمامًا على الشحن وعلى إسرائيل في فترة سابقة- يجب أن يركز الحل طويل الأجل على بناء بديل موثوق للحركة الحوثية من خلال استئناف تدفق النفط، وتحويل قوات الحكومة المعترف بها دوليا إلى شريك حكومي أكثر فعالية.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية